س: ما هي المنطقة الحرة سرت وما هدف إنشائها؟
ج: المنطقة الحرة سرت هي منطقة اقتصادية خاصة أُنشئت في مدينة سرت بقرار من الحكومة الليبية عام 2024 بهدف تطوير الأنشطة الاقتصادية والتجارية في البلاد. تهدف هذه المنطقة إلى توفير بيئة أعمال فريدة تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال تقديم حوافز وتسهيلات متنوعة. كما تسعى إلى تحويل مدينة سرت إلى مركز إقليمي للاستثمار والتجارة، مما يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط. المنطقة الحرة تخضع لإشراف وزارة الاقتصاد والتجارة ويديرها مجلس إدارة يضمن تطبيق القوانين واللوائح بما يخدم مصالح المستثمرين والاقتصاد معًا.
س: ما أبرز الحوافز والامتيازات التي تقدمها المنطقة للمستثمرين؟
ج: توفر المنطقة الحرة سرت حزمة حوافز جاذبة جدًا للمستثمرين. من أهمها الإعفاء الكامل من الضرائب والرسوم الجمركية لفترات تمتد حتى 10 سنوات للمشاريع الاستثمارية، مما يعني زيادة صافي أرباح تلك المشاريع. كذلك تتميز المنطقة بسرعة إجراءات منح التراخيص حيث تُنجز خلال فترة وجيزة بدون تعقيدات بيروقراطية. ويتمتع المستثمرون بحرية تحويل أرباحهم ورؤوس أموالهم إلى الخارج دون قيود، وذلك لضمان سهولة الخروج والدخول في الاستثمارات إضافة إلى ذلك، يستفيد المستثمر من بنية تحتية متطورة تشمل ميناءً بحريًا حديثًا وشبكات نقل ومواصلات تربط المنطقة بمحيطها المحلي والإقليمي. جميع هذه المزايا تجعل من الاستثمار في المنطقة الحرة فرصة فريدة تتمتع بمنافع مالية وتشغيلية عالية.
س: كيف يمكنني تأسيس مشروع أو شركة داخل المنطقة الحرة سرت؟
ج: تأسيس مشروع في المنطقة الحرة سرت عملية سلسة نسبيًا، حيث توفر إدارة المنطقة نافذة موحدة لخدمة المستثمرين وتسهيل إجراءات التسجيل والترخيص. الخطوة الأولى تكون بالتواصل مع إدارة المنطقة أو زيارة موقعها الإلكتروني لتعبئة نموذج طلب الاستثمار المتاح ستحتاج لتقديم دراسة جدوى مبدئية لمشروعك وخطة عمل، إضافة إلى المستندات القانونية المعتادة (كإثبات الشخصية أو تسجيل الشركة الأم إن وجدت). بعد تقييم الطلب والموافقة عليه من قبل مجلس إدارة المنطقة، سيتم إصدار ترخيص استثماري يخولك البدء في إنشاء شركتك داخل المنطقة. الجدير بالذكر أن المنطقة الحرة تتمتع بصلاحية إصدار تراخيص المشاريع وإدارة العقود وتأجير الأراضي والمرافق للمستثمرين بنفسها، مما يعني أنك لن تحتاج للتنقل بين وزارات وهيئات متعددة كما هو الحال في بقية مناطق ليبيا. حالما تحصل على الترخيص، يمكنك الشروع في إجراءات تأسيس شركتك (سواء كانت شركة جديدة أو فرع لشركة أجنبية) مستفيدًا من الإعفاءات والتسهيلات التي تقدمها المنطقة. ويوفر الجهاز الوطني للتنمية عبر منصته الإلكترونية أيضًا خدمات تتبع المشاريع وتسجيل الشركات للمساعدة في هذه العملية.
س: هل يُسمح للمستثمرين الأجانب بتملك 100% من مشروعاتهم داخل المنطقة الحرة؟
ج: نعم، يُسمح للمستثمرين الأجانب بتملك المشاريع والشركات بنسبة تصل إلى 100% داخل المنطقة الحرة سرت دون الحاجة إلى شريك محلي. فالتشريعات الليبية الخاصة بتشجيع الاستثمار (لا سيما قانون رقم 9 لسنة 2010) تمنح متيازات كبيرة للمستثمر الأجنبي، بما في ذلك حق الملكية الكاملة للمشروع. وهذا يعني أنه بإمكان الشركات الأجنبية تأسيس فروع أو كيانات مستقلة في المنطقة الحرة والاحتفاظ بكامل ملكيتها ورأس مالها. كما يتمتع المستثمر الأجنبي بحرية تحويل أرباحه ورأس المال الذي قام بإدخاله عند تصفية استثماره إلى خارج ليبيا دون قيود، وفق الضوابط المنصوص عليها قانونًا. هذه المرونة في الملكية الأجنبية تعد عامل جذب أساسي للاستثمارات الدولية، حيث توفر الضمان والحرية للمستثمرين في إدارة مشاريعهم واستثمار رؤوس أموالهم مع الحفاظ على حقوقهم كاملة.
س: ما هي القطاعات المتاحة للاستثمار في المنطقة الحرة سرت؟
ج: تستهدف المنطقة الحرة عدة قطاعات اقتصادية واعدة يمكن للمستثمرين الدخول فيها. أبرز هذه القطاعات هو القطاع الصناعي (كإقامة مصانع في مجالات متنوعة تشمل الصناعات النفطية والبتروكيماوية ومواد البناء والصناعات التحويلية الأخرى). أيضًا قطاع التجارة يمثل مجالًا رئيسيًا، حيث يمكن للشركات إنشاء مراكز توزيع ومعارض للتجارة الإقليمية انطلاقًا من سرت. قطاع الخدمات اللوجستية والنقل يحظى بأهمية خاصة نظرًا لدور المنطقة كمركز عبور، فيمكن الاستثمار في أنشطة التخزين والنقل والشحن البحري والبري. ولا ننسى قطاع السياحة والأعمال الذي يشمل إقامة فنادق ومرافق لخدمة رجال الأعمال والسياح القادمين للمنطقة. هذه القطاعات الأربعة (الصناعة، التجارة، اللوجستيات، السياحة) هي التي تركز عليها المنطقة الحرة لتحقيق التنويع الاقتصادي، ولكن المجال مفتوح أيضًا لاستثمارات أخرى في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعليم وغيرها، طالما كانت تنسجم مع أهداف المنطقة وتضيف قيمة اقتصادية.
س: هل المنطقة الحرة سرت بدأت نشاطها فعليًا، وما هي مراحل تطوير المشروع؟
ج: بدأ العمل في المنطقة الحرة سرت على عدة مراحل مدروسة ضمن خطة التطوير الشاملة. حاليًا، يمكن القول إن النشاط قد انطلق جزئيًا مع تشغيل الميناء التجاري القائم بعد إجراء عمليات تأهيل له ضمن المرحلة الأولى للمشروع. هذا الميناء يستقبل حاليًا بعض الشحنات والبضائع الأساسية ويعمل كنواة أولية للمنطقة الحرة. المرحلة الثانية قيد التنفيذ وتشمل توسعة وتحسين الأرصفة البحرية الجنوبية والشرقية للميناء، وقد تم إنجاز جزء كبير منها (حوالي ثلثي الأعمال الإنشائية اكتملت حتى منتصف 2025). عند الانتهاء من هذه المرحلة سيزيد بشكل ملحوظ حجم الطاقة الاستيعابية للميناء وقدرته على مناولة المزيد من السفن والبضائع. أما المرحلة الثالثة المخطط لها فتهدف إلى تعميق قناة الميناء وأحواضه إلى عمق يصل لنحو 25 مترًا، مما سيسمح باستقبال سفن الحاويات الضخمة وناقلات البضائع الكبيرة مباشرة في ميناء سرت. هذه المرحلة تعد مفتاحًا لجعل الميناء منافسًا إقليميًا قادرًا على خدمة الخطوط الملاحية العالمية. وفقًا للخطط المعلنة، من المتوقع أن يكتمل تنفيذ المراحل الثلاث خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث يجري العمل بوتيرة متسارعة تحت إشراف الجهاز الوطني للتنمية. وبالتوازي مع تطوير الميناء، يتم تجهيز البنية التحتية الداعمة كمناطق التخزين وشبكات المرافق والخدمات الإدارية داخل نطاق المنطقة الحرة. باختصار، المنطقة الحرة سرت في طور الإنشاء حاليًا لكنها تحقق تقدمًا ملموسًا؛ فالميناء يعمل بشكل جزئي بالفعل، ومع اكتمال المراحل اللاحقة ستصبح المنطقة متكاملة وجاهزة لاستقبال كافة أنواع الاستثمارات والأنشطة التجارية والصناعية بشكل واسع النطاق.